عندما
كنت طفلة كنت أعتقد أنني أملك "نفسي" فهي لي.. و العالم كله يدور حول
هذه "الأنا"..
فهذا
"رأسي".. "ألواني و ألعابي" .. "أمي و أبي" كلها
تنتهي بياء "الملكية"..
فهناك
أيضا يداي و قدماي التي أملك الحرية في الرسم عليهما..
هناك
أسناني التي من حقي أن أفرشها أو لا.. فهي ملكي و لا يستطيع غيري أن يستخدمها
هناك قدمايا
التي هي ملكي وحدي و لذلك فمن حقي أن أسير حافية دون حذاء..
و كبرت
.. و أصبحت أكثر نضجا و علمتني الحياة أن العالم لا يدور حول "أنا..ي" و
لكنني "حرة"..
نعم أنا
مراهقة.. "أنا حره".. و لأنني حرة فمن حقي أن أقرر ما شئت ما دمت أقر
أنني سأتحمل نتيجة قراراتي..
أنا حرة
في أن أنام قبيل الفجر و أستيقظ بعد الظهر..
أنا حرة
في أن أرفض طعام الإفطار و تكون وجبتي الأولى هي كرات الأيس كريم مع الكثير من
الشوكولاته الذائبة..
أنا حره
في أن أقرأ ما شئت من الروايات و و أشاهد الأفلام التي تشبع تذبذب هرموناتي التي
تأبى أن تستقر..
و لأنني
لم أعد طفلة فحتما "أنا حره"..
و كبرت..
و أصبحت أكثر نضجا, و علمتني الحياة أنني لست حرة و لكن "لي حقوقا"..
فمن حقي
أن أتعلم..
و من حقي
أن أختار من أتزوج..
من حقي
أن أعمل..
من حقي
أن يكون لي وقتي الخاص بعد عناء يوم طويل مزدحم بمسؤوليات البيت و الأطفال و الزوج
و العمل..
من حقي
أن أستمتع بقراءة هادئة إذا خلد الجميع إلى النوم..
من حقي
لقاء مع صديقاتي إذا كان الجميع منشغلا و ليس في حاجة لي..
من حقي
أن أستمتع بفنجان من القهوة في الصباح الباكر مادام الجميع نيام..
و كبرت..
و أصبحت أكثر حكمة، و علمتني الحياة أن العالم لا يدور حول "انا..ي".. و
أنني لست "حرة" و أن "لا حقوق لي"، إنما "الأنا" هو
"استثمار بشري ما أنا إلا شريكة فيه"
فجسدي و
عقلي هما أمانة عندي وهبهما لي الخالق حتى أحافظ عليهما و أنميهما حتى يكون
خراجهما ذا منفعة..
و قلبي
... قلبي هو جزئ "الأنا" الذي حقا لا أملك فيه سهما..
فرب هذا
القلب قادر على أن يقلبه بين أصبعين من أصابعه..
و قلبي
هذا له هواه.. "فالقلب و ما يهوى"..
إن استثماري
لهذا القلب يكمن في ترطيبه بذكر الله حتى يكون نبضه غذا لروحي..
أما
هواه.. فهو يحب و يتعلق بمن يشاء حتى و إن أمرته بعكس ذلك.. حتى و إن صعب علي
تفسير حبه هذا.. و يكمن استثماري في أن "أدير" هذا الحب اللا منطقي...
عندما
كبرت و أصبحت أكثر حكمة.. علمتني الحياة أن لا وجود لياء "الملكية"
فقواعد اللغة العربية حولتها إلى ياء "المتكلم" فقط..
No comments:
Post a Comment